[IMG]http://www.alriyadh.com.sa/*******s/20-03-2004/Mainpage/images/T4.jpg[/IMG]





جاء المعرض الفني "إشراقات" للتشكيلية نجلاء محفوظ بمثابة تفجير للبراعم الداخلية للأشجار والآدميين والطبيعة والكائنات الحية والموجودات في محاولة للخلاص من صراعات الحياة عبر ميلاد جديد. وقد تضمن المعرض، الذي أقيم في قاعة المعارض الكبرى بمؤسسة الأهرام، ثلاثاً وخمسين لوحة زيتية ومائية من أعمال الفنانة الحديثة فضلاً عن مجموعة من القطع الخزفية.
وقد توخت الفنانة، في مجمل لوحاتها التي تباينت بين المساحات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، الألوان الصاخبة بالغة الحيوية والسخونة، مقدمة زخماً من موسيقى المشاعر العفوية، وفيضاً من دفقات الروح المتوهجة التي تراوغ واقعاً سوداوياً مطبقاً وتحاول الانفلات منه ومن كافة الإطارات الخارجية.
وتحتفي الفنانة بعناصر الطبيعة وخاصة الشجرة في تنويعات لونية متعددة، محققة أجواء حلمية تتفجر فيها الألوان والخيالات، وتتلاقى فيها الأرواح، وتتصافح الكائنات الحية، ويعود الإنسان إلى صيغته البدائية ومشاعره الخام النقية.
وفي حديثها ل(ثقافة اليوم) حول معرضها الأخير "إشراقات" تقول الفنانة نجلاء محفوظ: هذه المجموعة من اللوحات والأعمال الخزفية التي تضمنها المعرض تبدو في تصوري مترابطة ومتشابكة في سياق التعبير عن حالة معينة أو تجربة محددة، وهذا هو المبرر لعرض هذه الأعمال دون غيرها في القاعة تحت مسمى "إشراقات" وتسعى التجربة ببساطة إلى دفع الإنسان لكي يحاول الاحتفاظ بإشراقاته الداخلية، ويهزم بجدارة كلاً من عتمة الداخل والخارج، ويتمكن حتى النهاية من احتضان نقائه وبراءته وحيويته وصون هذه المعاني النبيلة والجميلة من أدخنة الواقع وغباواته، وبالتالي يتغلب الإنسان على صراعات الحياة ويفوز باستقلاله وكبريائه الجميل وحنانه على كل المخلوقات معتزاً بهويته. وقد قمتُ بإهداء هذه التجربة إلى والدي رحمه الله، فقد كان رمزاً لكل هذه الإشراقات والمعاني المضيئة التي يسعى المعرض إلى غرسها في نفوس المتلقين.
وأوضحت الفنانة نجلاء محفوظ أن ما تتطلع إليه لوحاتها في المعرض هو إبراز الالتقاء الروحي الحميم بين الإنسان وأخيه الإنسان، وبينه وبين كافة الكائنات الحية والموجودات، وتقول نجلاء محفوظ: بناء على ذلك التعاون وتلك الصورة المثلى من التلاحم نكون أجمل وأكثر قدرة على التعامل الإيجابي مع الحياة، وبالتالي لا تهزمنا ضغوطاتها المتلاحقة.
وبالنسبة لبعض الأعمال الخزفية في المعرض أشارت نجلاء محفوظ إلى أنها تعبِّر عن فكرة التلاحم والاحتواء ذاتها ولكن بشكل فيزيائي، حيث جسدت بعض الأعمال على سبيل المثال نماذج من الالتحامات بين كائنات آدمية متدرجة في الحجم بشكل هرمي. وحول تكرار تردد صيغة الشجرة بتنويعات لونية مختلفة في لوحاتها تقول الفنانة نجلاء محفوظ: هي شجرة الأحلام والخيال وليست محاكاة لشجرة الطبيعة. إنها الرحابة والبراءة وأصل الحياة واستمراريتها والاحتواء الحنون لها. إنها الشجرة المضيئة والمشتعلة بالألوان الساخنة المعبِّرة عن بهجة الأطفال وصخبهم الحي والإشراقات الداخليلة للآدمين والكائنات جميعاً. وهذه الشجرة تبدو دائماً قادرة على العطاء، حتى ولو بدت بغير أوراق، فهي مانحة للمستقبل معنى، وللأرواح ظلالاً وأماناً. ويُشار إلى أن الفنانة نجلاء محفوظ من مواليد القاهرة في عام 1959، وتخرجت في كلية الإعلام جامعة القاهرة في عام 1979، وقد أقامت معرضها الأول في عام 1995م بقاعة الشموع، ومعرضها الثاني في العام ذاته بأتيليه بالقاهرة، وفي عام 1999أقامت معرضها الثالث في مؤسسة الأهرام التي تعمل بها كصحفية بالقسم الأدبي. واشتركت الفنانة في العديد من المعارض الجماعي
ة، ويتنوع إبداعها الفني ما بين التصوير الزيتي والمائي والخزف والنحت، كما قامت بعمل التصميمات الفنية لأغلفة مجموعة من الكتب. وهي عضوة بكل من نقابتي التشكيليين والصحفيين في مصر، وعضوة في جمعية أتيليه القاهرة، واتحاد الكتاب المصريين. وللفنانة التشكيلية نجلاء محفوظ اهتمامات أدبية، حيث صدرت لها مجموعات من قصص الأطفال، والقصص القصيرة، بالاضافة إلى الكتب الاجتماعية ومنها: "اعترافات النساء"، و"اعترافات الرجال"، و"الطلاق.. المشاكل والحلول".. وغيرها. وقد تناول عدد من النقاد والباحثين والتشكيليين لوحات وأعمال نجلاء محفوظ بالتحليل، ومنهم التشكيلي الكبير الدكتور أحمد نوار الذي قال إن أعمالها تتسم بالتداخل والتوافق في منظومة موسيقية هادئة تحمل عبق التراكم لطاقة إنسانية تعبِّر عن رؤية ثاقبة للطبيعة، مع وجود بناء مساحي للألوان وحركة تعبير تنطلق من علاقة تداخل الألوان في تفاعل ديناميكي بنائي. أما الناقد الدكتور جابر عصفور فقد وصف لوحاتها بأنها تنويعات على لحن الوجود الأساسي الذي يتفجر بداخلها كالضوء الذي ينعكس على كل شيء، ويتمرد على كل قيد، ويظل باقياً حتى حين تتكاثف العتمة اللونية التي تهدد نبع اللون الذي يظل باقياً .


|55|